اعادة اختراع المؤسسات ابتكار مؤسسات جديدة يحدوها الوعي المستقبلي

في ثوان

 مما لا شك فيه أن المؤسسات المتكاملة هي التي تتخذ من الابتكار محورة تضعه على قائمة أولوياتها، وذلك لإحداث التطوير والهدف المنشود منه، والمؤسسات التي تمتلك ثقافة الابتكار هي الأفضل من حيث قدرتها على الإبداع، وخلق فرص جديدة تتلاءم مع تطلعات العصر الحاضر.

وتحرص قيادتنا الرشيدة على وضع الرؤى والاستراتيجيات التي تضمن تحقيق الرفاه المواطنيها، وخاصة في مجال تسخير الابتكار لأهداف التنمية؛ لأن الابتكار أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، وهنا تحضرني مقولة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله»: الابتكار في الحكومات ليس ترفا فكرية أو تحسين إدارية أو شيئأ دعائية، الابتكار في الحكومات هو سر بقائها وتجددها، وهو سر نهضة شعوبها وتقدم دولها».

ومن خلال مبادرة كتاب في دقائق، إحدى مبادرات مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والتي دأبت على تقديم أفضل المؤلفات والكتب العالمية في شتى المجالات من خلال ملخصات شيقة لجميع القراء، نضع اليوم بين أيديكم مجموعة من الكتب التي تسلط الضوء على موضوعات تتناول الإبداع والابتكار، حيث نتعرف من خلال الكتاب الأول «إعادة اختراع المؤسسات : ابتكار مؤسسات جديدة يحدوها الوعي المستقبلي» إلى الممارسات الناجحة التي تنتهجها هذه المؤسسات لتجديد الطاقات الإيجابية الكامنة، والتي تدفع الأفراد إلى تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم بوعي مستقبلي جريء، وشعور أخلاقي نبيل.

والكتاب الثاني «الإيمان بقدرات الإنسان: كيف تعجز الآلات الخارقة عن مضاهاة ذكائنا الفطري» الذي يسلط الضوء على القدرات التي تميزنا كبشر، ومنها الإحساس بأفكار ومشاعر الآخرين، والعمل الإبداعي داخل فريق العمل، والحل المشترك للمشكلات، وضرورة بناء العلاقات، والتعبير عن أنفسنا بشكل أعمق.

أما الكتاب الثالث والأخير «بناء مجتمع المعرفة: مدخل جديد لنمو وتطور وتقدم المجتمع»، فيتناول المعرفة من منظور اقتصادي؛ حيث يرى المؤلفان أن المعرفة هي سلعة مجانية، وأن أهم فوائد التجارة هي تسهيل نشر المعرفة، وتبادل المعلومات في كل المجالات التقنية والإنسانية. كما يشير الكتاب أيضا إلى ضرورة الاستفادة من انتشار وسائل الاتصال والانفتاح، واستقطاب المستثمرين؛ حيث إنها تؤدي إلى اكتسابنا للأفكار الجديدة، والتعلم منها.

وفي الختام أتمنى أن تنال موضوعات المجموعة الجديدة من «كتاب في دقائق» استحسانكم، وأن ترفد مخيلاتكم بالمزيد من الإبداع في جوانب حياتكم كافة.

ما المؤسسات وكيف تعمل؟

تعتبر المنظمات ضرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية وثقافية لا بد منها للبقاء والصمود في وجه الأخطار المحتملة، لأنها تقوم على العمل الجماعي المشترك بهدف اكتساب هوية، وبناء حضارة، وصناعة التاريخ، وبناء المستقبل. وعلى الرغم من وجود المنظمات في الماضي بأشكال مختلفة شملت: الأسرة والقبيلة والجيش والدولة ذات الحدود المعترف بها، إلا أن المنظمات بمفهومها الحديث لم تنشأ إلا قبل قرنين من الزمن، عندما تكونت مؤسسات ذات أهداف محددة ومتخصصة شملت: المدارس والجامعات الحديثة، والشركات، ومنظمات الأعمال، والمزارع التعاونية والجيوش ذات الهياكل المتطورة، ومراكز الأبحاث، وغير ذلك من المؤسسات التي تتشكل من أفراد ينضمون إليها بناء على تخصصاتهم ووظائفهم، رغم أنهم لم يكونوا يعرفون بعضهم من قبل. وعليه، فإن المؤسسة بمفهومها الحديث هي:

منظمة تلعب دورها في الحياة والعمل والإنتاج وإثراء المجتمع من خلال جهود جماعية مشتركة وموحدة، تتجه دائما إلى تحقيق هدف كبير ومؤتمد، وأهداف متعددة ومتكاملة ومتفق عليها، رغم تنوعها وتغيرها من حين إلى آخر.» ومن ثم فإن المنظمات يمكن أن تشمل أنماطا متباينة مثل:

مؤسسات الأعمال الكبيرة والصغيرة؛ مراكز الأبحاث، وشركات الأدوية، والمستشفيات، والبنوك، وشركات التأمين الصحي شبكات المدارس، ورياض الأطفال والمعاهد، والكليات، والجامعات المانحة للدرجات العليا المنظمات غير الهادفة إلى الربح التي ازدهرت في العقود الأخيرة لأنها توفر فرصا تختلف في أهدافها وطرق عملها عن الشركات الهادفة إلى الربح فقط. ولكن على الرغم من الإنجازات العظيمة التي حققتها المؤسسات، فهناك من يرى أن طرق العمل وأساليب الإدارة التي تنتهجها المنظمات المختلفة قد استنزفت تماما .

ومن دلائل هذا الاستنزاف أن الموظفين لم يعودوا يستمتعون بأعمالهم ولا يؤمنون بأهدافها، وفقدوا حماسهم تجاهها. كما أن كبار التنفيذيين لا ينكرون معاناتهم وعدم إحساسهم بالسعادة والرضا عن نتائج أعمالهم، حيث باتوا يشعرون بالمزيد من الضغوط، في ظل بيئات عمل تتطلب بذل المزيد من الجهود، وشعورهم بشيء من الفراغ والإحباط، بسبب الصراعات الداخلية للوصول إلى القمة، والألاعيب السياسية التي لا تخلو منها أية منظمة. ومن ثم فقد اتخذت المؤسسات واحدة من أربعة أشكال أو ألوان هي: الأحمر، والأصفر، والأخضر، والبرتقالي؛ ولكل منها سماته ومميزاته وعيوبه. وی محاولاتهم لتطوير نموذج متكامل أو مثالي، حاول خبراء التطوير التنظيمي ابتکار نموذج واحد يجمع بين مميزات الأنواع الأربعة، وذلك بعد تزايد الإحساس بأن ممارسات الإدارة صارت قديمة وجامدة كلما توغلنا في القرن الحادي والعشرين. وقد عبر «پیتر دراکر» فيلسوف الإدارة الشهير عن هذا قائلا: «لا يكمن خطر الاضطراب والفوضى في الاضطراب نفسه؛ وإنما في تعاملنا معه بمنطق قديم وبأساليب عفى عليها الزمن». .

Contents

المؤسسات في الماضي والحاضر: أشكالها وألوانها

المؤسسات الحمراء

اللون الأحمر يعبر عن: استخدام رئيس المؤسسة لسلطاته بشكل مستمر لتنظيم قواته، الخوف يسود ثقافة المؤسسة؛ هناك تركيز على الأهداف قصيرة المدى؛ توجد هذه المؤسسات أكثر في البيئات التي تسودها الفوضى. ومن أمثلتها: العصابات، ومنظمات، التهريب، والإرهاب والتجارة غير المشروعة. رمزها: قطعان الذئاب: تعيش في حركة مستمرة وتلتمس قوتها وترتحل في مجموعات، وهي مناسبة للتشكيلات العصابية التي يسودها الخوف وتزدهر في المناطق التي تسودها الفوضى.

المؤسسات الصفراء

 اللون الأصفر الذي يميز هذه المؤسسات يعبر عن النسقية والنمطية وقوة التأثير. وبوسم هذه المؤسسات بالأصفر نجدها تتسم بما يلي: تمارس فيها السلطة من أعلى قمة الهرم الإداري حيث يتم تحديد كل ما يجب عمله وكيف يتم تنفيذه. تتسم بالاستقرار والنمطية والتماثل والهياكل النسقية . يعتبر مستقبل هذه المؤسسات – في الغالب – تكرارا لماضيها. من أمثلتها: المدارس ومعظم الهيئات الحكومية حيث تتسم أدوار العاملين بالثبات، ويتم توزيع الأعمال بشكل هرمي، وتنجز عملياتها من منظور بعيد المدى (مثل خطط التعليم التي يستغرق تنفيذها وقتا طويلا وتتشابه فيما بينها، ولا يتم تجديدها إلا نادرا ( رمزها: الجيش، لأنه من المنظمات الأشد تأثيرا والأكثر استقرارة.

المؤسسات البرتقالية

دار المؤسسات البرتقالية انطلاقا من فكرة أن العالم سريع التغير، ونحتاج إلى آليات عمل معقدة وموارد متنوعة يجب استثمارها للمنافسة الشديدة لتحقيق الأهداف المنشودة. ومن ثم: تركز هذه المؤسسات على دحر منافسيها وجني الأرباح وتحقيق النمو. التجديد المستمر بهدف البقاء على القمة الإدارة بالأهداف فيتم إعطاء تعليمات بما يجب عمله وترك طريقة وحرية التنفيذ للعاملين في الميدان. من أمثلة المؤسسات البرتقالية: المدارس والجامعات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني والشركات العالمية الكبرى. وتقوم المؤسسات البرتقالة على الإحساس الدائم بضرورة التجديد دون الإخلال بالنظام، والمساءلة، وتطبيق مبادىء الجدارة. رمزها: الآلة دقيقة الصنع أو الساعة السويسرية .

المؤسسات الخضراء

 تعتبر هذه المؤسسات نفسها عائلات كبيرة، ومن ثم فهي تهتم بتمكين الموظفين، وتحفيزهم، وتأصيل ثقافة وفكرة المؤسسة الأسرة داخل عقولهم. ومن أمثلتها: شركة «ساوث ويست إيرلاينز» وشركة «جوجل». وتقوم فلسفة هذه المؤسسات أساسا على تمكين الموظفين وثقافة القيم والاندماج في مجتمعها الداخلي ومحيطها الخارجي والعالم أجمع. رمزها:

الأسرة حالة شركة (بيرتزورج): التحول إلى مؤسسة متكاملة

 تعد مؤسسة «بيرتزورج» الهولندية مثالا للتحول من مؤسسة برتقالية إلى مؤسسة خضراء قائمة على التمكين (وهذا هو النموذج السائد في عصرنا الحالي)، وهي تحاول تحقيق معادلة المؤسسة المتكاملة لكي تتسم بما يلي:

* كل فريق العمل مسؤول عن أداء كل مهام المؤسسة (من دون تخصص أو حواجز بين الأقسام والعمليات) : فالجميع يرعون المرضى، ويخدمونهم بكل الطرق.

* التركيز على مساعدة المرضى للاعتماد على أنفسهم قدر الإمكان

* ولا يوجد رئيس لفريق عمل «بيرتزورج»: لأن الفريق بأسره يتعاطى مع ما يطرأ من مشكلات ويتولى

حلها، كما ينظم الأهداف والأولويات ويحلل المشكلات ويضع الخطط ويقيم الأداء ويتخذ القرارات.

إدارة الأزمات

 واجهت «بيرتزورج» أزمة واستطاعت التغلب عليها من خلال المشاركة والتماس المشورة. في عام 2010 كانت المؤسسة على شفا الانهيار: حيث نما إلى علم رئيسها «جوس دي بلوك» أن شركات التأمين تهدد بعدم صرف 4 ملايين يورو للشركة، معللة ذلك بأن نمو «بيرتزورج»

يتم على حساب الشركات المعروفة في مجال التأمين الصحي. فبادر رئيسها إلى كتابة مدونة داخلية يشرح من خلالها المشكلة الفريق العمل، فتوصل الفريق إلى حلين:

الأول: أن تتوقف «بيرتزورج» عن تعيين المزيد من العاملين لتخفيض التكاليف.

الثاني : أن يضاعف فريق العمل جهوده بحيث يعتني كل ممرض بعدد أكبر من

المرضى وكل موظف بعدد أكبر من التكليفات والمهام. وبعد الحصول على موافقة أكبر عدد من العاملين على الاقتراحين، لم يعد تعليق الأموال مشكلة، ومع وحدة الفريق وارتفاع الروح المعنوية وانتشار الأخبار الإيجابية عن المؤسسة قررت شركات التأمين الصحي صرف المبالغ المتأخرة كاملة.

التواصل داخل المؤسسات المتكاملة

لا يوجد موظف لا أهمية له في المؤسسات المتكاملة. فالكل يحصل على ما يريد من معلومات وقتما يشاء؛ كما لا توجد «أسرار» يمكن إخفاؤها عن الموظفين. فكل المعلومات بما فيها الأمور المالية والرواتب وتقييم أداء فرق العمل متاحة للجميع. في «بيرتزورج»، يطلع كل فريق على تقييم أداء باقي الفرق وإنتاجيتهم بشفافية، ومن هنا تزول ثقافة الخوف والحاجة للاختباء خلف ستار عدم الإفصاح عن الأسماء أو البيانات. كما لا تسحب الثقة من الفرق التي أخفقت في تحقيق أهدافها، بل يتم تشجيعها على مواجهة الموقف والبحث عن حلول للمشكلات.

تبادل الأدوار (سوق الأدوار)

يتم توزيع الأدوار داخل المؤسسات المتكاملة طبقا للتخصص؛ ولذا يسهل تبادل الأدوار داخل فريق العمل الواحد: فبإمكان شخص مشغول للغاية أن يطلب من زملائه الاضطلاع بأحد أدواره بصورة مؤقتة أو حتى دائمة. كما يجوز لأي عضو من أعضاء أي فريق يو اكتساب مهارة جديدة أن يتبادل دوره مع زميل آخر كي يتعلم ما يريد. عندما وضعت «هولاكراسي وان» نظاما لتبادل الأدوار بين الفرق، كونت سوقا للأدوار: وهو عبارة عن تطبيق (أي أنه ليس جزءا من نظام التشغيل العام للمؤسسة) يتم تثبيته على شبكة المعلومات الداخلية للمؤسسة، ويقيم العاملون أدوارهم الحالية من خلاله باستخدام مقياس يتراوح ما بين 3 إلى + 3: يضعون علامة (+) إن كان دورهم إيجابية ومحفزا، و (-) إن كان محبطا يضعون علامة (+) إن كانت مواهبهم موائمة الأدوارهم، و (-) إن كان العكس هو الصحيح. يضعون علامة (+) إن كانت مهاراتهم ومعارفهم دافعة لأدوارهم، أو (-) إن كانت مثبطة له. ويستخدم نفس المقياس للتعبير عن مدى تقبل الشخص لدوره من عدمه. وهكذا يساعد «سوق الأدوار العاملين على اختيار ما يناسبهم من أدوار وترك ما لا يروق لهم.

التمكين من دون توفير المعلومات المناسبة يجعل الموظفين تخبطون ويجبرهم على العمل في الظلام (بلير فيرنون )

إدارة الذات والاستغناء عن المدير

الهيكل الإداري 

* تدير الفرق نفسها بنفسها من دون الحاجة إلى مدير.

* يلجؤون للمدربين عند الحاجة، من دون التفكير في المكسب أو الخسارة.

الوظائف

* يضطلع بها فريق العمل بأكمله أو المتطوعون

* يلعب بعض الموظفين دور المشرف أو المرشد أو يؤدون أدوارا استشارية.

التنسيق

*لا توجد اجتماعات مع أو بين كبار التنفيذيين.

*تعقد الاجتماعات بصورة غير رسمية وعند الضرورة القصوى.

المشروعات

* إدارة مبسطة للمشروعات.

* لا يوجد مديرون للمشروعات، بل تحدد الفرق أولويات مشروعاتها

* لا توضع ميزانية معينة أو جدول زمني لأي مشروع، بل تعطى المشروعات أولويات حسب أهميتها.

المسميات والوصف الوظيفي

* لا يوجد وصف وظيفي أو تخصصات محددة. ولا توجد مسميات وظيفية.

*لا توجد مركزية في اتخاذ القرارات، بل تقوم عملية اتخاذ القرار من خلال التشاور والتصويت.

إدارة الأزمات

*هناك شفافية كاملة في عرض المعلومات ونشرها.

* يشارك الجميع في إبداء الرأي وطرح الأفكار السديدة.

* إن تطلب الأمر تدخل مستشار خارجي، يوضع موعد نهائي لتلقي رأي المستشار

المشتريات والاستثمارات

* يستطيع أي عضو الفريق إنفاق أي مبلغ شريطة أن يتأكد – ولو بالإحساس – أنه سيحظى بموافقة الجميع.

* يتبادل أعضاء الفريق الرأي حول استثمار ميزانية الفريق

تدفق المعلومات

*تتاح المعلومات لجميع العاملين فور

*توافرها، وهذا يشمل البيانات المالية والمكافآت، ويضمن رقابة جماعية على المصروفات.

فض النزاعات

* يتم فض النزاعات بشكل رسمي وعبر عدة خطوات

* لا يسمح لغير أطرف النزاع وأعضاء الفريق بالتدخل في فض النزاعات.

تخصيص الأدوار

 *لا توجد ترقيات، بل يعاد توزيع الأدوار بموافقة أعضاء الفريق.

*يحق للموظف التدخل في أدوار خارج نطاق وظيفته، شريطة أن يتحمل المسؤولية.

إدارة الأداء

* التركيز على أداء فريق العمل.

* تقييم الزملاء أداء بعضهم بعضا.

المكافآت والأجور

* يقرر العامل الأجر الذي يريده، ويدلي زملاؤه باقتراحاتهم بشأن راتبه الأساسي.،

* لا توجد حوافز، بل يتم تقسيم الأرباح

والعوائد أو الإيرادات بشكل متساو. ولا توجد فروق كبيرة بين أجور العاملين.

فصل الموظفين

* من النادر الاستغناء عن خدمات العاملين.

* إنهاء خدمات الموظفين هو آخر مرحلة في فض النزاعات إذا ما فشلت كل جهود فض النزاع.

الصمت والتأمل

 يقول الحكماء إن الصمت هو السبيل الوحيد للإنصات لما نبوح به، والاستماع لأصوات ضمائرنا، تمارس مؤسسة «ساوندز ترو» عادة الصمت في العمل، حيث قرع جرس في تمام الساعة الثامنة والنصف صباح كل يوم، داعيا الموظفين لجلسة تأمل مدتها ربع ساعة، يقضونها في صمت مطبق داخل مكاتبهم، للحصول على لحظات من الصفاء الذهني التي تساعدهم بعد انتهاء فترة الصمت في اتخاذ قرارات أكثر حكمة ورشدا. ففي الصمت كما يرى علماء النفس شيء من ممارسة الحكمة؛ فحين يصمت الإنسان فإنه يطلق العنان لخياله وأفكاره التي تلهمه الصواب.

القص

تعتبر الثقة محركا لمكامن الإبداع والإنتاجية المفعمة بالسعادة والمرح. ينطبق هذا على المؤسسات الهرمية والمتكاملة أيضا. غير أن الثقة لا تزدهر حين يخفي الناس حقيقة مشاعرهم خلف أقنعة العمل، الأمر الذي يفقدهم ذكاء المشاعر الإنسانية التي تقرب بعضهم من بعض وتزيد التفاهم بينهم. عندما نريد بناء بيئة عمل قوامها الثقة والعلاقات الإنسانية الإيجابية، فما علينا سوى أن تظهر المزيد من جوانب شخصياتنا التي تبرز مواطن قوتنا ونقاط ضعفنا على حد سواء. ومن هنا تنظم بعض المؤسسات التي تعاني من نقص الثقة لقاءات للتكامل المؤسسي، وتكون محاورها الرئيسة هي القص وتبادل الروايات والحكايات. يقول الكاتب «باركر بالمر»: «حين تعرف المزيد عن حياة الآخرين؛ تزيد ثقتك بهم». فلكي تشيد جسور الثقة بينك وبين زملائك؛ فهم بالمزيد عن نفسك وحاول أن تعرف المزيد عنهم من خلال الاهتمام المخلص والأمين بحياتهم ومساندة تطلعاتهم. يمكنك إدراك كل هذا من خلال طرح أسئلة بسيطة في سياق العمل، فتسهم في بناء بيئات عمل لا تسعى إلى توظيف الناس فحسب، بل إلى تقدير طاقاتهم واحترام شخصياتهم، فتحصل بالمقابل على تقديرهم واحترامهم بالضرورة.

الاجتماعات

الاجتماعات سلاح ذو حدين، فهي تظهر الجانبين الإيجابي والسلبي للطبيعة البشرية على حد سواء. في الحالات الإيجابية، تؤكد لنا الاجتماعات صحة أفكارنا حين يدلي المشاركون بآرائهم فيما نقول أو نفعل. كما تسهم تلك الآراء في إمدادنا بالمعلومات المهمة. ولكن قد تنقلب الاجتماعات إلى حلبات صراع يحاول كل طرف فيها فرض شخصيته لأنه يغلب «الأنا» على الآخر، والعاطفة على العقل. ولأن بني البشر يكرهون الهزيمة في الاجتماعات والمناقشات العلنية، فإنهم إما أن ينسحبوا من الاجتماعات فعليا، أو ينسحبون نفسيا وداخليا، ثم يبدؤون العمل على إفشالها أو الحيلولة دون تحقيق توصياتها وتنفيذ قراراتها. ومن الممارسات المهنية الراقية في المنظمات المتكاملة ما تقوم به مؤسسة «فاين، التي تستهل اجتماعاتها بتقديم موظف إيجابي سبق الاحتفاء به، مما يشيع جوا من السعادة، ومن ثم الثقة بمواهب الآخرين وحسن نواياهم؛ إذ يساعد التركيز على إنجازات الآخرين في تحويل عقول وانتباه المشاركين من التركيز على الذات، إلى إعادة التواصل والإحساس باحتياجات المؤسسة. وبعد فترة من الممارسة الناجحة لهذه الطريقة الافتتاحية الذكية، شعرت قيادة «فان»

بأنها صارت مملة، فأوقفتها وطلبت من كل الموظفين اقتراح افتتاحيات بديلة، بشرط أن تكون أكثر إيجابية وفاعلية. فتمت اقتراحات الموظفين عن نشر جداول ومواعيد الاجتماعات على الشبكة الداخلية للمؤسسة، ومنح الحرية لكل موظف في اختيار الاجتماع الذي يراه مناسبا لعرض أفكاره أو التعبير عن وجهة نظره من دون دعوة رسمية، فوفرت تلك الاجتماعات غير الرسمية فرصة للاطلاع على كل ما يجري في المؤسسة من دون تغييب أو إقصاء أحد.

المقعد الخالي

 تترك مؤسسة «فان» مقعدا خاليا في كل اجتماع تعقده وتطلب من كل من يملك وجهات نظر مختلفة الجلوس عليه للإدلاء بآرائه بصراحة وشفافية. تبدو هذه الممارسة بسيطة في ظاهرها ، ولكنها تضع من يختار الجلوس في المواجهة في موقع المسؤولية وتتوقع منه آراء جريئة ومبتكرة. وهذه بعض الأسئلة التي يمكن أن يتلقاها كل من يحتل المقعد الخالي: –

ما هو انطباعك عن الاجتماع بكل صراحة؟

. هل ترى أن المناقشات والقرارات تخدم المؤسسة وتحقق الغرض من الاجتماع؟

. ما القرار أو الفكرة الأهم التي تم طرحها اليوم؟

. هل تمتعنا بالجرأة المناسبة أم تجاوزنا الحدود؟

. هل ستحاول الجلوس على المقعد الخالي في الاجتماع القادم أم ستتركه الغيرك؟

إدارة النزاعات

هناك ثلاث طرق تتعامل المؤسسات المتكاملة من خلالها مع النزاعات في بيئة العمل من أهم تلك الممارسات مساعدة أطراف النزاع على مواجهة بعضهم بعضا والحوار وجها لوجه، مما يساعد على تخفيف حدة التوتر. ولأنه من الصعب أن يستوقف أحدهم زميله ويقول له:

لا بد أن نتحدث معا»، فإن المؤسسات الذكية توفر البيئة المناسبة لاحتواء الصراعات قبل تفاقمها. وهذا مثال واقعي في إدارة الصراع في مدرسة «إي إس بي زد» في برلين، يجتمع طلاب كل فصل في موعد محدد كل أسبوع المناقشة مشكلاتهم. ينق أحد الطلاب تلك اللقاءات، ويضع القواعد الكافية للحفاظ على سير الاجتماع وتحقيق النتائج المستهدفة من انعقاده. وإذا ما شعر المنسق بحدة الموقف، فإنه يستدعي الأخصائي الاجتماعي ليضفي على اجتماع المصارحة مزيدا من الرسمية والجدية لقد زدنا سرعتنا، وبقين السجناء؛ فالآلات التي أنتجت لنا سلعة رائعة زادت نهمنا وأغرتنا بطلب المزيد؛ والمعرفة التي اكتسبناها جعلتنا نشك في كل شيء، والذكاء جعلناعديمي الرحمة. نحن نفكر كثيرة ونشعر قليلا. نحن نحتاج إلى الإنسانية أكثر من التقنية، ونحتاج إلى الرقة والامتنان أكثرمن الذكاء: فمن دون المشاعر الإنسانية المتبادلة؛ تصبح الحياة قاسية وتفقد كل الأشياء معانيها تشارلي تشابلن

تهيئة الموظفين الجدد

تستثمر المؤسسات المتكاملة الكثير من الوقت والموارد والترحيب بالموظفين الجدد. وتعد الأيام والأسابيع الأولى التي يقضيها الموظف الجديد في المؤسسة غاية في الأهمية في أثناء تقديمه لفريقه وتعريفه ببيئة وطبيعة العمل. وتتمحور عملية التهيئة حول تدريب الموظفين الجدد ومساعدتهم على استكشاف بيئة العمل واستيعابها. ويتناول التدريب أهم ثلاثة مكونات للفكر المؤسسي المتكامل:

  • الإدارة الذاتية للاستغناء عن التدخل المستمر والمباشر للمدير
  • الشمولية لإبراز الصورة الكاملة.

والأهداف الكبرى والمبتكرة. في مؤسسة «مورننج ستار»، يحضر الموظفون الجدد ندوة عن أسس إدارة الذات. أما السبب فيوضحه رئيس المؤسسة «بول جرين» قائلا: «حوالي 50% ممن يشغلون مناصب مهمة في المؤسسات يتركون العمل خلال عام أو اثنين على الأكثر، لأنهم لا يستطيعون التكيف مع أدوارهم الجديدة والتفاعل في إطار فريق العمل كغيرهم من الموظفين. ومن هنا نحرص على تأهيلهم وتهيئتهم للعب أدوارهم الجديدة بوعي وإيجابية».

المرونة والالتزام بأوقات العمل

حين نتحدث عن ساعات العمل في المؤسسات التقليدية، تتباين الآراء، خاصة بين صغار الموظفين الذين يعملون لساعات ثابتة، وبين كبار الموظفين الذين يرتبط وجودهم بتحقيق أهداف معينة، غير أن النظامين قد يضان بالمؤسسة. هذا، ويقوم فرض عدد ثابت من ساعات العمل على أساس أن البشر هم الموارد، وأنهم العقول المفكرة والأيدي المنفذة للمهام في زمن محدد. كما ينطلق هذا الاقتراض من اعتبار العمل شيئا مرهقا، والموظفين متشابهين، وأنهم سيمكثون في وظائفهم لأنهم يتقاضون أجورة محددة مقابل ساعات عمل ثابتة. يضاف إلى هذا أن منظومة ساعات العمل الثابتة تنطوي على عدم الثقة بصغار الموظفين وعدم قدرتهم على تحديد أهدافهم والعمل على تحقيقها من دون توجيه المدير، ولكن المؤسسات المتكاملة تفترض العكس: حيث يقوم مبدأ العمل على مبدأ أن كل الناس يتمتعون بالجدارة والثقة بالنفس، مما يحفزهم على أداء مهامهم بفاعلية مهما كانت روتينية ومتكررة. لقد توقف الموظفون في مؤسستي «فان» و «صن هایدروليكس» عن تسجيل ساعات الحضور والانصراف في أجهزة رصد ساعات العمل؛ لأن يوم العمل مقسم إلى وردات يقضيها العاملون في الإنجاز ثم ينصرفون، بينما ينتظر موظفو الاستقبال لاستكمال مهامهم حتى يتسلم موظفو الوردة الجديدة العمل.

الشمولية في المؤسسات المتكاملة

المباني

يزين الموظفون جدران مكاتبهم بايديهم ويسبغون عليها بصماتهم ولمساتهم. مفتوحة للضيوف والأطفال وزيارات العملاء والزملاء، خالية من مظاهر التباهي والفخامة.

القيم والمبادىء

*القيم واضحة وتتم ترجمتها إلى قواعد وأصول تحدد المقبول وغير المقبول، وما يؤمن به الجميع في بيئة العمل.

*يتم غرس القيم بالسكوت عن كل ما هو منطقي وأخلاقي وإيجابي، والتدخل حين تطفو على السطح سلوكيات غير مقبولة

التأمل

* المكاتب وغرف العمل هادئة.

* تنظم حوارات وجلسات تأمل جماعية. وهناك مرشدون ومستشارون داخليون يطلب منهم زملاؤهم التدخل لمساعدتهم عند الحاجة.

المسميات والوصف الوظيفي

*لا توجد مسميات وظيفية، فالموظف يبحث عن

*ذاته ويعمل بشخصيته ويعكس هويته أكثر من درجته الوظيفية.

* ليس هناك وصف وظيفي؛ فالموظف يشكل دوره ويلعبه بما يتفق مع مهاراته وخبراته وتطلعاته.

الالتزام بالوقت

* يطلب من الموظف الالتزام بعمله مثلما يهتم بشؤون وحياته الشخصية والموازنة بينمها بحيث لا يطفى أحد أدواره الحياتية على الآخر.

الصراعات

* يتم تخصيص أوقات محددة لمناقشة الصراعات وطرق حلها. توضع قواعد للتدخل وخطوات متفق عليها لحل النزاعات.

*يتم تدريب جميع العاملين على تجنب الصراعات وإدارتها بعد انضمامهم للمؤسسة بشهور

المبادرات المجتمعية والبيئية

* التمسك الدائم بعمل الشيء الصحيح

* الاستقامة هي المقياس الأول للنجاح

* يشارك الجميع في ابتكار المبادرات ليعتاد الجميع على فعل الصواب.

التعيين

*  يضع أعضاء الفريق أسس وقواعد التعيين،  ويطلب من المرشحين والموظفين الجدد وضع تصورات لما يرونه مفيدا للمؤسسة ومحققا الأهدافها.

تهيئة الموظفين الجدد

* يتم التأكيد على أهمية مهارات تكوين العلاقات وفهم ثقافة المؤسة. و الانخراط في برامج تبادل المهام ولعب الأدوار المشتركة والاندماج في ثقافة المؤسة.

التدريب

*  التأكيد على حرية اختيار مجال ووقت ومدة التدريب.

* إعطاء أهمية خاصة للتدرب على ثقافة المؤسسة وطرق الحوار وحضور الجميع البرامج إثراء فرق العمل.

الفصل من العمل

يتم الفصل في إطار من الدعم المعنوي للموظف بحيث يتحول استبعاده من تجربة مؤلمة، إلى فرصة للتعلم واستيعاب الدروس المستفادة

وضع الأهداف

 معنى الهدف المؤسسة كائن حي يسعى إلى تحقيق هدف عظيم. الاستراتيجية: الموظفون يضعون استراتيجيات المؤسسة من خلال طرح أفكارهم، ومناقشتها، والمشاركة في وضع خطط التنفيذ كفريق متكامل.

 اتخاذ القرارات:

تتخذ القرارات عبر الالتزام بأهداف المؤسسة على اعتبار أن الجميع يستشعرون بأهمية الأهداف ويقدرونها.

العمل الجماعي مفتاح النجاح. التأمل والتخيل ممارستان ضروريتان ومفيدتان. الاستجابة للمؤثرات الخارجية وتوقعها، ليست فعلا مطلوبا فقط، بل هي مسؤولية شخصية وجماعية

المنافسة:

لا توجد منافسة داخلية بين موظفي المؤسسات المتكاملة. التعلم من المنافسين الخارجين بما يسهم في تحقيق الأهداف المشتركة

الربح:

الريح مؤشر خارجي وهو إنجاز يتحقق تلقائيا وبسهولة حين يفعل الجميع الصواب.

تطوير المنتجات والخدمات:

الهدف يحدد المنتج الذي يجب ابتكاره وطرحه وعرضه، على العكس من التسويق التقليدي الذي يحدد فيه المنتج هدف المؤسسة. الخيال والحدس والابتكار اللامحدود يصنع المنتجات.

التخطيط والمتابعة:

يبدأ التخطيط بالاستشعار وتنبثق المتابعة من الاستجابة. توضع الميزانيات وتحدد ببساطة. الحلول المقبولة تكون عملية وسريعة وليست مثالية قد يتعذر تطبيقها. كل الخطط قابلة للتعديل.

إدارة التغيير:

لا توجد إدارة «تغيير» في المؤسات المتكاملة لأن التكيف واستباق المتغيرات هو أسلوب حياتها. .

الموردون والشفافية:

يتم اختيار الموردين انطلاقا من مواءمتهم لأهداف المؤسسة. تتيح الشفافية للموردين فرصة تقديم اقتراحات تخدم أهداف المؤسسة.

 الأهداف الفردية:

يتم توظيف آلات التعيين وبرامج التدريب وتقييم الأداء التحديد مدى توافق الفرد وحماسه لأهداف المؤسسة.

ثقافة المؤسسات المتكاملة

هل هناك ثقافة واحدة تصف كل المؤسسات المتكاملة؟ تتباين ثقافات المؤسات المتكاملة فيما بينها بشكل كبير، غير أن هناك صفات مشتركة تربط تلك المؤسسات. فالسياق الذي تعمل فيه مؤسسة بعينها، والهدف الذي تسعى لتحقيقه يضفيان عليها ثقافة فريدة. ونسوق هنا نموذجين مختلفين من الثقافات المتباينة في كل من: «مورنينج ستار» و «آر إتش دي»:

يحمل المقر الرئيس ل «آر إتش دي» طابعة غريبة وجذابا، وهو يشبه مجموعة من المخازن القديمة التي تم تحويلها إلى مكتب عملاق: فالجدران مطلية بلون برتقالي زاي، غير أن هذا اللون لا يغطي سوى المساحات الخالية من صور رسمها عملاء الشركة من مرضى المخ والأعصاب، أو الملصقات التي يضعها الموظفون للتعبير عما يقدمونه من خدمات. وتحتوي استراحة الزائرين على مقاعد وحوض غريب الشكل فيه بط من البلاستيك بدلا من أسماك الزينة. أما في «مورنينج ستار»، فالمكاتب أنيقة ومرتبة والجدران مطلية باللون الأبيض، والصور أنيقة، والأوراق معلقة في الأماكن المخصصة للرسائل. تعبر الأذواق السابقة عن ثقافتين مختلفتين بسبب اختلاف مجال عمل المؤسستين؛ فتعبر الألوان الصارخة التي تزين جدران « آر إتش دي» عن تقبل كل ما هو غريب وغير طبيعي في سلوك البشر؛ مما يعكس رسالة المؤسسة وهدفها المتمثل في مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والمشردين على تحسين مستوى معيشتهم وإعادة تأهيلهم. ولتحقيق هذا الهدف، لا تعين المؤسة سوى موظفين يتمتعون بالقدرة على الاعتناء بالحالات الصعبة من تأفف أو استهجان. أما «مورنينج ستار»، فتعمل في مجال الأغذية؛ ومن ثم عليها الالتزام بقواعد الصحة | والنظافة، مما يحتم أن يكون مصنع الأغذية على درجة عالية من الترتيب والنظافة مما يسهل الاكتشاف المبكر لأية مخالفات والتدخل الفوري لحلها.

النتائج

  1. تنبع القوة الدافعة لإعادة اختراع المؤسسات من رغبة ملحة في صناعة الفرق، وخلق بيئة عمل محبة للموظفين وموائمة لتفاعلهم مع عالمهم ورؤيتهم له
  2. لم تعد الطريقة التقليدية لإدارة المؤسسات تروق لخبراء الإدارة، بل إنها تهدد قيمهم ومفاهيمهم الخاصة بالعمل وعلاقة بعضهم ببعض.
  3. جمع المال وتحقيق الثراء للأفراد والمؤسسات ليس هو الحافز الأهم أو الأول دائما
  4. فاعلية الأداء في المؤسسات المتكاملة ليست مفتاح الإنتاجية فحسب، بل هي السبيل الوحيد للعمل وتحقيق الأهداف.

يمكن للقيادة والإدارة التقليدية أن تحول دون نجاح المؤسسات الجديدة في العصر الحديث، مثلما أعاق النظام الإقطاعي التقدم الاقتصادي في القرنين السادس عشر والسابع عشر».

جاريا عامل

مقومات الأداء الاستثنائي

 هناك ثلاثة مقومات للأداء الاستثنائي في المؤسسات المتكاملة

  1. تتضاعف القوة حين يصبح الجميع أقوياء، تضاف إليهما الطاقة الإيجابية. فالتحول من لا حين تتركز القوة في قمة الهرم الإداري.

 المؤسسات التقليدية إلى المؤسسات المتكاملة

  1. تستخدم السلطة بحكمة لكي يعمل الناس ينتج طاقة هائلة يجب توجيهها بدقة نحو بإخلاص، وهذه هي الاستقامة.

 المزيد من الإنتاجية. فمثل هذا الفكر يتيح لنا

  1. حين تتواءم السلطة والحكمة مع القوة الدافعة للمؤسسة؛ تتحقق الأهداف وليست القوة المتوائمة مع الحكمة هي الأداة الوحيدة لتحقيق أهداف المؤ سسة: إذ لا بد أن تُضاف إليهما الطاقة الإيجابية. فالتحوُّل من المؤ sسات التقليديَّة إلى المؤسسات المتكاملة ينتج طاقة هائلة يجب توجيهها بدقَّة نحو المزيد من الإنتاجيَّة. فمثل هذا الفكر يتيح لنا تو صيل وتحديد الآليَّات التي تقود المؤ سسات نحو تحقيق أعظم الإنجازات.

منابع الطاقات الإيجابية الكامنة

* الهدف: تزيد طاقة الأفراد حين يتوجهون نحوهدف عظيم.

* توزيع السلطات : يؤدي عدم الاعتماد على مدير أو شخص واحد إلى ضځ كم هائل من الطاقة وتحفيز الموظفين. فهم لا يعملون لإرضاء المدير، بل لإرضاء ضمائرهم ومعاييرهم الأخلاقية التي تفوق معايير الجودة الإحصائية سموا وارتفاعا.

التعلم: يحفز غياب المدير الموظفين على التعلم المستمر. ويكون التعلم في هذا السياق أوسع نطاقا وأكثر شمولا فيتسع لتطوير الشخصية ونموها، لا تنمية المهارات فحسب

* استثمار المواهب: لا يجبر الموظفون على الاضطلاع بأدوار لا تتناسب مع مواهبهم ومواطن قوتهم و عدم إهدار الطاقات في إرضاء الذات: يتم توفير الوقت المهدر في إرضاء المديرين، أو الصراع على الترقيات وحماية المناصب، أو ألاعيب السياسة الداخلية، أو إلقاء اللوم على الآخرين… إلخ.

* استهلاك طاقة أقل في التوافق والانسجام : يسهم الاستغناء عن المديرين أيضا في التخلي عن التحايل في وضع السياسات والقواعد التي تناسبهم، وتطويعها لخدمتهم قبل غيرهم. و استهلاك طاقة أقل في الاجتماعات، تحتاج المؤسسات الهرمية إلى عقد اجتماعات على كل المستويات لجمع وتحليل المعلومات، وغربلتها، وتوزيعها على كل درجات السلم الإداري. بينما تتلاشى الحاجة إلى الاجتماعات في المؤسسات المتكاملة. | هذا، ويتم التحكم في الطاقة الإيجابية الدافعة وتوجيهها من خلال: استشعار الواقع المحيط والتصرف طبقا لمعطياته واستباق متغيراته. اتخاذ القرارات بذكاء ووعي وعواطف مزنة وحدس مستنير وأخلاق حميدة وفي التوقيت المناسب. التوافق مع الأهداف السامية للمؤسسة والأهداف العظيمة للمجتمع ككل.

نستنتج مما سبق أن محاولات إعادة اختراع المؤسسات المتكاملة ستقودنا في نهاية المطاف إلى ممارسات ناجحة في كل مؤسسات ومجالات الأعمال. ولذا وجب التنويه إلى أننا لا نقصد من الطروحات السابقة التوجيه نحو فكر بعينه وتنفيذ كل الأفكار والرؤى بحذافيرها؛ فنحن لن نستطيع بناء المؤسسات بنفس الطرق التي نصمم بها الآلات والمباني والأجهزة والمنتجات. كما لا نستطيع أن نعتبر المؤسسة مجرد هيكل إداري تنظمه مجموعة من اللوائح التي يسهل على من وضعوها تغييرها ثم الطلب من العاملين وكل المعنيين الامتثال لها . فالمنظمات كائنات حيوية ، وتحتاج إلى أساليب حية ومتفاعلة في رعايتها وقيادتها. ما نبتغيه هو أن نستلهم من إعادة اختراع الجيل الجديد من المؤسسات؛ أساليب جديدة ومفتوحة للعمل والابتكار وتحقيق الأهداف بوعي مستقبلي جريء، وشعور أخلاقي نبيل. ونحن في كل هذا، لا نتحدث عن المدينة الفاضلة، بل عن واقع نعيشه وننشد تغييره وإعادة ابتكاره وصياغته والمواظبة على تحسينه، لأننا كموظفين ومديرين وأعضاء فرق إيجابية ومؤسسات ذكية سنبقى دائما ننشد الأفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *